
نشرت الصحافية التركية هاندا فِرات المعروفة بأنها عميلة جهاز الاستخبارات التركي باعتراف مسؤولين رفيعي المستوى في الجهاز مقالا في 9 يونيو (حزيران) الجاري تضمن إهانات واتهامات خطيرة ضد دولة الإمارات العربية المتحدة.
زعمت فرات في المقال الذي حمل عنوان: “الدولةُ التي تقفُ وراء كلِ شرٍ”، أن كل خطوة ضد الدولة التركية تقف وراءها دولة الإمارات العربية المتحدة.
دعونا لنتعرف على هذه الصحافية المزعومة عن كثب. فقد أدلى رئيس وحدة الأنشطة الانفصالية العرقية الخارجية التابعة للاستخبارات التركية أرهان بيكتشاتين باعترافات كشف فيها عن أسماء عدد من الصحافيين الأتراك العاملين لحساب جهاز الاستخبارات، وذكر أن من بينهم الصحافية المثيرة للجدل هاندا فِرات، وذلك بعدما تم اختطافه من قبل عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، خلال قيامه بمهمة التنسيق لعمليات القوات المسلحة التركية ضد عناصر التنظيم في أغسطس (آب) 2017. لقد فتحت الأبواب أمام هذه الصحافية على مصراعيها في قناة “سي إن إن تورك” التركية، ثم خطفت الأضواء وجاوزت شهرتها الآفاق بعدما حصلت على لقب “الصحافية التي أجرت الحوار الشهير مع الرئيس أردوغان ليلة محاولة الانقلاب المزعوم في 2016 عبر تطبيق فيس تايم.
قالت فِرات في مقالها المذكور: “كل خطوة شريرة تتخذ ضد تركيا تكون هي (الإمارات) وراءها. فقد وفرت تمويلًا بقيمة 3 مليارات دولار لمحاولات انقلاب أنصار فتح الله جولن في 15 يوليو (تموز) 2016، كما تعتبر أكبر داعم وممول لـ”الانقلابي” خليفة حفتر، بالإضافة إلى تمويلها أنشطة مقاتلي شركة “فاجنر” الروسية في ليبيا، وكذلك تقدم الدعم للنظام السوري في مواجهة تركيا”، على حد قولها.
وبحسب فِرات فإن الإمارات العربية المتحدة تستمد قوتها من أموالها الطائلة، زاعمة أن أبو ظبي تحاول الآن قطع الطريق أمام تركيا في الصومال أيضا، إذ قالت: “إنها من لاعبي جبهة الشر. قوتها نابعة من أموالها. بعد سوريا وليبيا تحاول الآن العبث بتركيا وعرقلتها في الصومال أيضًا. ومن أجل ذلك تستخدم أموالها، وتقوم بتمويل وسطائها وساستها بهذه الأموال. وبمعنى آخر تقوم بشراء ذمتهم. من جانب آخر تقوم بتمويل بعض السياسيين الأمريكيين والأوروبيين نقدًا. وقد توصلت أنقرة إلى أنها تحصل على دعم في هذا الصدد من “منظمة” فتح الله جولن، التي تعتبر أحد لاعبي” جبهة الشر” في تحديد هؤلاء الساسة. الدولة التي أتحدث عنها هي الإمارات العربية المتحدة بالطبع”.
فِرات أثارت جدلا واسعا في السنوات الأخيرة بعد أن حققت صعودا غير مسبوق في مشوارها المهني حتى أصبحت أبرز الأسماء في قناة”سي إن إن تورك” التركية التابعة لمجموعة “دوغان” الإعلامية التي انتقلت ملكيتها إلى رجل الأعمال المقرب من أردوغان ديميرأوران. وهي الآن تقوم بعمل دعاية وبروباجندا لصالح حكومة حزب العدالة والتنمية وأردوغان من خلال برنامجها التليفزيوني على تلك القناة، ولعبت أيضا دورًا مهمًا وبالغ الخطورة في محاولة انقلاب 15 يوليو (تموز).
بالرغم من أنه كان ظاهرا وجليا أن الانقلاب مسرحي إلا أن فرات أجرت في تلك الليلة اتصالًا بأردوغان عبر الهاتف المحمول للمستشار الإعلامي لجهاز الاستخبارات عن طريق تطبيق فيس تايم لتمكِّن أردوغان من دعوة المواطنين للنزول إلى الشوارع وتشكل انطباعا وكأن البلاد تشهد انقلابا حقيقيا.
ومن بين مئات الأدلة التي تكشف أن محاولة الانقلاب كانت سيناريو مصطنعا أن مجموعة عسكرية مكونة من 20 شخصا داهمت في الليلة التالية لمحاولة الانقلاب قناة “سي إن إن تُورك” التي تعمل فيها هاندا فِرات وحاولوا السيطرة على المبنى، وذلك على الرغم من أن المحاولة كانت انتهت في ليلتها الأولى. وكان هدف هذه المبادرة واضحا للغاية وهو إضفاء ظل من الحقيقة على الانقلاب المسرحي. الجنود الذين كانوا غافلين عما يحدث تعرضوا للهجوم والاعتداء على أيدي عدد قليل من المواطنين العزل اجتمعوا أمام مبنى قناة “سي إن إن تُورك”. رغم أن الجنود كان بحوزتهم أسلحتهم إلا أنهم لم يستخدموها ضد المواطنين.
أما رجل الأعمال آيدن دوغان، مالك المجموعة الإعلامية، فكان خطف الأضواء بعلاقته المريبة والوثيقة مع تنظيمات الدولة العميقة وتنظيم أرجنكون. إذ كانت مجموعته الإعلامية معارضا شرسًا لأردوغان وحزب العدالة والتنمية في السنوات الأولى من الحكم، ولكن بعد واقعة فضائح الفساد والرشوة التي ظهرت في 17-25 ديسمبر (كانون الأول) 2013، ومع فضح فساد أردوغان وعائلته انتقلت إلى صفوف المؤيدين له بشكل مثير للجدل. فأردوغان حرص على الدخول في تحالفات مع القوى التي كانت سابقًا معارضة له وتريد الإطاحة به، من أجل التخلص من كل من يؤيد الديمقراطية والحريات، وعلى رأسهم حركة الخدمة والأكراد، ليتهمهم بعد ذلك بالإرهاب، ويملأ بهم السجون.
الحقيقة أنه نشرت العديد من الوثائق التي تثبت أن السيد آيدين دوغان والإعلامية المزعومة هاندا فِرات كانا على علم مسبق بمحاولة الانقلاب قبل وقوعها بفترة كبيرة، وأنهما لعبا دورًا مهمًا للغاية في تكوين صورة انقلاب حقيقي في أذهان الرأي العام.
على سبيل المثال، يثار العديد من علامات الاستفهام حول محاولة سيطرة الانقلابيين المزعومين على مبنى مجموعة دوغان هولدنج الإعلامية التي تضم قناة “سي إن إن تُورك” المحايدة في الظروف العادية، دون أن يتوجهوا إلى المبنى الذي يضم مقرات صحف “صباح” و”ATV” التي يديرهما أردوغان ويشرف عليهما مباشرة.
هذه الحقائق تدل بصراحة على أن هاندا فِرات وغيرها من الصحافيين الذين يهاجمون صباح مساء من خلال مقالاتهم مصر بشكل خاص والدول العربية الأخرى بشكل عام، ما هم إلا دمى في أيدي أردوغان وجهاز مخابراته يقومون بتلميع صورته وتبرير إجراءاته..