أنقرة (لندن توداي): في الوقت الذي يرفع فيه الرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يرأسه الشعارات الإسلامية لخداع الأغلبية المحافظة من الشعب التركي وحصد اصواتهم في الانتخابات لا يتورع عن جعل الدعارة في تركيا عملا مقننا يتكسب منه مليارات الدولارات بل إن عقوبة الزنا شهدت تخفيفا في عهد الرئيس الذي يسعى إلى استعادة أمجاد الخلافة الإسلامية وتقديم نفسه كخليفة للمسلمين.
الأكثر من ذلك أن بائعات الهوى داخل بيوت الدعارة المرخصة في تركيا يعملن تحت حماية الدولة وفي حراسة شرطة أردوغان.. وليس غريبا أنه تم ذات مرة تكريم صاحبة بيوت دعارة في تركيا والاحتفاء بها في إعلام أردوغان كونها أكبر دافعة ضرائب للدولة.
لا يكاد يمضي يوم واحد إلا ونسمع عن عملية أمنية ضد بيوت الدعارة غير المرخصة واعتقال عشرات السيدات والرجال الذين توسطوا في تلك الأمور الشنيعة في تركيا.
وفي الوقت الذي تعتقل فيه الشرطة التركية الأشخاص الذين توسطوا في الدعارة غير المرخصة وترحل الأجنبيات اللاتي يعملن في هذه البيوت إلى بلادهن، تترك نساء تركيا العاملات في عشرات بيوت الدعارة يمارسن المهنة بشكل طبيعي وبكل أريحية في أنحاء البلاد.
تجارة مزدهرة
وتحصي التقارير الرسمية وجود 65 بيت دعارة مرخصا في مدن تركية عدة على رأسها إسطنبول والعاصمة إسطنبول وإزمير وأنطاليا وغيرها يعمل فيها 3 آلاف بائعة هوى تحت غطاء وحماية الحكومة الإسلامية برئاسة أردوغان.
والدعارة في تركيا مقننة بموجب قانون جنائي أعدته حكومة حزب العدالة والتنمية وصدق عليه البرلمان في 26 سبتمبر (أيلول) عام 2004 دخل حيز التنفيذ في الأول من شهر يونيو (حزيران) عام 2005.
وينص القانون على عقوبة الحبس من سنتين إلى أربع سنوات في حق من يشجع على ممارسة الرذيلة ويسهل الطريق إليها. أما من يمارسها بإرادته فلا يعاقب.
وتدرّ “تجارة الجنس” في تركيا على الحكومة دخلاً يقدر بـ 4 مليارات دولار، في حين تضاعف عدد العاملات بهذا المجال بمعدل 220% خلال فترة 8 سنوات في ظل حكم العدالة والتنمية.
الحملات الأمنية على من يمارسن الدعارة لا تكون بسبب ممارستها في حد ذاتها، وإنما لأنها لا تمارس في في أماكن مرخصة من قبل الدولة، فالرذيلة ليست ممنوعة على إطلاقها.
العاملات في بيوت الدعارة مؤمن عليهن من قبل الدولة ولهن حقوق الحصول على معاشات التقاعد، وعلى المرأة التي ترغب العمل في بيوت الدعارة أن تحصل على إذن رسمي موقع من زوجها طبقا للقانون.
قطط داعية أردوغان
العام الماضي اعتقلت الشرطة التركية عدنان أوكتار الملقب بـ”هارون يحيى” وهو شخصية مثيرة للجدل وكان مقربا من أردوغان وكان يقدم نفسه كداعية وكان يمتلك قناة تليفزيونية يقدم فيها برنامجا استمر لسنين طويلة يظهر فيه في وصلات رقض مع نساء مثيرات شبه عاريات، اشتهرن في تركيا باسم ” القطط”.
وشنت قوات الأمن التركية حملة موسعة في عدد من المدن بحثًا عن عدنان أوكتار وأنصاره، وألقت القبض على “أوكتار” و235 شخصًا من بينهم 106 من قططه، وصدر قرار بمصادرة ممتلكاته وشركاته بالكامل.
وجهت السلطات التركية لأوكتار الذي اشتهر بمجموعة كتب يدحض فيها نظرية النشوء والارتقاء لداروين، وبعلاقات مع شخصيات إسرائيلية واستضافة ودعم قيادات الإخوان المسلمين الذين فروا إلى تركيا بعد الثورة عليهم في مصر عام 2013، تحت سمع ونظر ورعاية حكومة أردوغان، تهمًا مثل “تشكيل تنظيم بغرض ارتكاب جرائم”، و”الاستغلال الجنسي للأطفال”، و”الاعتداء الجنسي”، و”إقامة علاقات جنسية مع قاصرين”، و”الابتزاز”، و”تقييد حريات الأشخاص”، والتهديد”، والإجبار”، و”احتجاز أو خطف الأطفال”، و”التحايل باستغلال المشاعر والمعتقدات الدينية”، و”الافتراء”، و”إفساد مشاعر المواطنين تجاه التجنيد”، و”الإهانة”، و”تلفيق التهم”، والتجسس السياسي والعسكري”، و”شهادة الزور”، و”النصب مع سبق الإصرار”.
وصادرت قوات الأمن المتعلقات التي تم ضبطها في فيلا كان يقطنها في إسطنبول، من بينها عدد من الأسلحة.
وبحسب المعلومات المتداولة في وسائل الإعلام التركية، فإن ضحايا عدنان أوكتار تتراوح أعمارهم بين 11 عامًا و40 عامًا، وسط أنباء عن تعرض ضحايا أطفال للاعتداء الجنسي.
اللافت أن الرئيس أردوغان المعروف بتمسكه بفكرة الإسلام السياسي، بينما لا يسمح للدعارة غير المرخصة في البلاد بجميع أشكالها لا يغلق بيوت الدعارة المرخصة ويمنح الحماية لشخص مثل أوكتار الذي ظل نجما في تركيا طوال سنوات حكم أردوغان، قبل أن يقع على ما يبدو خلاف بينهما خلف الستار .
ورثة إمبراطورة الدعارة
مؤخرا، تقدم 20 شخصًا إلى القضاء للمطالبة بنصيبهم من ميراث ماتيلد مانوكيان، المعروفة بلقب إمبراطورة بيوت الدعارة في تركيا، بعد أن سبق ورفع 16 شخصًا، دعوى قضائية، للمطالبة بحصتهم في تركتها.
ويصر جميع المدعين على أنهم شركاء في الميراث الضخم الذي تركته مانوكيان لنجلها كيروبيه تشيلينجير، المقيم في أمريكا، عقب وفاتها في عام 2001.ويزعم مقيمو الدعاوى أن تشيلينجير ليس نجل مانوكيان وأنهم الورثة الوحيدون لها مطالبين إدارة التركات بالتوزيع المتساوي للميراث الذي يتضمن عائدات بيوت الدعارة و220 سيارة أجرة تجارية و486 عقارا وأسهما وعملات أجنبية وحسابات بنكية.
ولدت مانوكيان في عام 1914 وتوفيت في 17 فبراير ( شباط) 2001، وتعرف بأنها إمبراطورة الدعارة في تركيا؛ إذ كانت تدير 37 بيتًا للدعارة في المدن التركية المختلفة، لتكون بذلك مديرة أكبر عدد من بيوت الدعارة المرخصة في تركيا.
وعرف عن مانوكيان أنها كانت تحرص على تحويل أرباحها إلى استثمارات عقارية، وبجانب ثروتها من الدعارة كان لها ميراث من أسرتها عبارة عن 500 شقة، و50 محلًا تجاريًا، و4 حانات، و4 شاليهات صيفية، و220 سيارة أجرة، و37 بيت دعارة، و40 عقارًا، ومصنعي أخشاب في مدينة كالاميش، وسيارة رولزرويس، و4 سيارات بي أم دبليو، و4 سيارات مرسيدس.ومن بين المستأجرين لديها بلدية حي شيشلي، ودار قضاء شيشلي بإسطنبول.
دعارة خارج القانون
عبر سكان حي بيلك دوزو بمدينة إسطنبول عن انزعاجهم من انتشار بيوت الدعارة غير المرخصة والأفعال غير الأخلاقية التي تشهدها المنطقة بسبب منازل الإيجار اليومي.
وذكر مواطنون أن منطقة بيلك دوزو أصبحت تشتهر بوقائع الدعارة معربين عن انزعاجهم من الوضع وترقبهم حل المسؤولين للمشكلة.
وذكر مواطن في شكوى لصحيفة “يني عقد” أنه منزعج من ممارسات الدعارة التي تحدث داخل الموقع السكني الذي يقطنه بمنطقة بيلك دوزو موضحا أن هذا الوضع بات يمثل مشكلة كبيرة في المنطقة بأكملها.
وأكد المواطن، الذي تحدث باسم أصدقائه ومعارفه الذين يقطنون بالمنطقة، أنهم يعانون من هذه المشكلة ويطالبون المسؤولين بإيجاد حل عاجل.
وقال المواطن في شكواه: “بيلك دوزو أصبح مكانًا غير صالح للعيش، وبات الحي الكبير يشتهر بوقائع الدعارة. بيلك دوزو أصبح “دعارة دوزو”. سئمنا من الأمر وننتظر حلًا من المسؤولين. عندما تخرج للسير على الساحل تطالبك الشرطة بإظهار بطاقة الهوية الخاصة بك وتفتيشك غير أنهم لا يوقفون سوق الدعارة”.
ويعاقب القانون في تركيا على فتح بيوت الدعارة دون الحصول على ترخيص وإجراء فحوص طبية للعاملات فيها، بعقوبة الحبس إلى عام واحد، وتفرض السلطات عقوبات أخرى على أنشطة الاتجار بالبشر والجرائم المرتبطة بها.
حزب أردوغان يدافع عن الدعارة
كشفت البرلمانية من حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، مسؤولة السياسات الإجتماعية في الحزب، لاله كارابييك في كلمة بالبرلمان التركي، عن أن الدعارة في تركيا زادت بنسبة 790% منذ عام 2002 الذي تولى فيه الحزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة أردوغان.
وأضافت أن العنف ضد المرأة زاد بنسبة 1400% في الفترة نفسها، وذلك بحسب بيانات وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركية.
وجهة نظر حزب أردوغان في مسألة استمرار بيوت الدعارة في ظل الحكم الإسلامي تبدو مضحكة حقا، ففي مقابلة تليفزيونية قال مستشار رئيس الحرزب (أردوغان)، ياسين أقطاي، إن شرب الخمر وممارسة الزنا والدعارة حرية، مؤكدًا أنهم لا يريدون أن يمنعوا مثل هذه الأمور.
وأضاف أقطاي أن من يريد أن يشرب الخمر فليشرب ومن يريد الزنا فليزنِ.. لا أتأذى من وجود الزنا وشرب الخمر لكن من يفعل ذلك يتضرر، مشيرا إلى أنه كإنسان مسلم لا يتمنى منع الخمر والزنا.
وزعم أقطاي أن “المبدأ الإسلامى يتيح من يريد ممارسة الزنا وشرب الخمر شريطة أن لا يكون على الملأ”!!.
والسؤال الآن: لقد جمع أردوغان كل السلطات في يديه بعد تطبيق النظام الرئاسي في عام 2018، وبات يملك جميع الصلاحيات، فلماذا لم يصدر الرئيس المسلم والخليفة الجديد المزعم للمسلمين رجب طيب أردوغان قرارا بإغلاق بيوت الدعارة بموجب مرسوم رئاسي لا يستغرق تنفذه دقائق معدودات؟