
نظرًا لأن العديد منا يملأ فراغه بمشاهدة العروض الرياضية الحية من خلال مشاهدة إعادة، أو الانشغال بمشاهدة الأفلام الوثائقية التي تدور حول مارادونا ونادي سندرلاند إف سي عبر خدمات البث الشبكي، فإننا نتساءل جميعًا متى ستعود مسابقات كرة القدم، والأهم من ذلك، كيف ستعود؟
هل سيتم استكمال مواسم الدوري والمسابقات أم سيتم تقصيرها؟ هل سيحدد الأبطال والتأهل والترقية والهبوط بشكل عادل على أرض الملعب؟ أو ببعض المعادلة الإحصائية؟ هل ستستأنف المباريات بدون متفرجين، أم ستقام في ملاعب فارغة مهجورة؟ لا توجد إجابات واضحة على هذه الأسئلة، لاسيما وأن معظم منظمي المسابقة يتأخرون في اتخاذ هذه القرارات الصعبة.
وإذا سارت الأمور وفق رغبتنا، فسيتم لعب جميع المباريات، وتسجيل النتائج وحساب الجداول النهائية، مع حساب جميع النتائج كما لو لم يكن هناك تأخير، ولكن في حقيقة الأمر هناك قيود كبيرة تقف حائلاً أمام حدوث ذلك؛ فقد تم بالفعل تأجيل بطولة كأس الأمم الأوروبية “يورو 2020″، التي كان من المقرر عقدها هذا الصيف، إلى عام 2021، مما أزال أحد هذه القيود، لكن الفرق سلطت الضوء أيضًا على القضية الشائكة التي تتمثل في انتهاء عقود العديد من لاعبيها التي من المقرر أن تنتهي في نهاية يونيو أو يوليو، كما أن البداية التقليدية لموسم كرة القدم الأوروبية 2020-2021 في أغسطس باتت مهددة.
النمذجة الإحصائية
وجدت الرياضات الأخرى بعد انتظار طرقًا للتعامل مع القوى الخارجية التي تقيد اللعب؛ ففي لعبة الكريكيت المحدودة، يتدخل الطقس بشكل متكرر ويتم تطبيق طريقة داكورث- لويس- استرين “Duckworth-Lewis-Stern” لمحاولة التأكد من أنه لا يزال هناك فائز.
وتراعي هذه الطريقة الإحصائية الموارد المتبقية لكل فريق، من حيث مضاربهم غير المستخدمة بعد وعدد الكرات التي لم يتم رميها بعد أي تأخير، لتحديد هدف الفوز المنقح لفريق المطاردة، ويمكن انتهاج هذه الطريقة في كرة القدم، وصولاً إلى إعطاء النتائج الدقيقة للألعاب التي لم يتم لعبها مطلقًا، وذلك باستخدام النمذجة الإحصائية.
لقد تم البحث على نطاق واسع في أفضل الطرق لنمذجة خطوط النقاط والتنبؤ بها، ويمكن استخدام طرق المحاكاة لتحديد النتائج حتى نهاية مواسم الدوري، بناءً على جميع المباريات التي تم لعبها من قبل، وكمثال على ذلك واستناداً إلى إحدى الطرق الشائعة، أنتجنا مجموعة من احتمالات النتيجة لنهاية الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، بناءً على كافة المباريات التي تم لعبها قبل تعليق البطولة.
لقد وضعنا خريطة حرارية لإظهار احتماليات النتائج المختلفة؛ حيث تنتقل الخلايا عبر اللون الأبيض (لا توجد فرصة)، مرورًا باللون الأصفر والبرتقالي إلى الأحمر، وكلما كانت الخلية أكثر احمرارًا، زادت احتمالية انتهاء هذا الفريق عند هذا اللون.
وهناك بعض الأشياء التي باتت واضحة ومثبتة من خلال نموذجنا الإحصائي؛ سيفوز ليفربول بالدوري الممتاز ويأتي مانشستر سيتي في المركز الثاني وليستر سيتي في المركز الثالث، لكن التأهل للمسابقات الأوروبية وتحديد الفرق الهابطة لا يزال أمرًا يشوبه الغموض. وإذا لم تُلعب مواسم الدوري بشكل كامل، ونظرًا للآثار المالية التي تتعرض لها الفرق الفردية بسبب أي قرارات يتم اتخاذها إزاء ذلك، فمن المؤكد أنه سيتم اللجوء إلى الدعاوى القضائية الطويلة والمكلفة في أروقة المحاكم.
يجب أن يستمر العرض
من الواضح أن لعب ما تبقى من الموسم يعد من الأمور غير المطروحة، وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن انتشار الفيروس كان له تأثير سلبي على حضور الجماهير بالدوريات الأوروبية الكبرى، ومن هذا المنطلق، يبدو أن شبح فيروس كورونا “COVID-19” قد يطارد الأيام المتبقية من الموسم.
وفي الدوري الإنجليزي الممتاز، كانت كل حالة وفاة محلية من جراء الإصابة بالفيروس يتم الإبلاغ عنها في اليوم السابق للمباراة تؤدي إلى انخفاض الحضور الجماهيري بنسبة 6٪ في يوم المباراة، ولكن هل سيبقى المشجعون بعيدًا بالفعل في حالة استئناف اللعب؟ تشير أدلة أخرى إلى أن الأمر قد لا يكون على هذا النحو؛ إذ أنه بعد تعرض كرة القدم الإنجليزية إلى حالتي انقطاع رئيسيتين على نطاق مماثل خلال الحربين العالميتين، ارتفعت نسبة الحضور الجماهيري، مما يعني ضمناً وجود رغبة مكبوتة لدى الجماهير لمشاهدة كرة القدم.
ومن الواضح أن هذه الحجة الأخيرة تبدو قوية لاسيما بالنسبة لفرق دوري الدرجة الأدنى، والتي تعتمد على إيرادات يوم المباراة أكثر من اعتمادها على أموال البث، بينما تكافح بالفعل بعض الأندية الكبيرة التي تلعب حاليًا في دوريات الدرجة الدنيا الإنجليزية، من أجل سداد فواتير الأجور الباهظة التي عادة ما ستتم تغطيتها بقاعدة جماهيرية قوية، ومن الأمثلة على ذلك ليدز يونايتد وإيبسويتش تاون. وستعتمد أندية القسم الأدنى هذه، على عكس الفرق الكبيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز، إلى حد كبير على الجهات المسؤولة عن كرة القدم، وعلى الأرجح الحكومة، لدعمها أثناء الانكماش الاقتصادي المحتمل.
وتتأثر نتائج المباريات أيضًا باللعب خلف أبواب مغلقة؛ إذ تشير الأبحاث إلى أنه تقل محاباة الحكام للفريق المضيف خلف الأبواب المغلقة، و تدعم أبحاثنا الخاصة، التي تم تحديثها لتشمل الأسابيع الأولى لانتشار الوباء في أوروبا، هذا الاستنتاج أيضًا، وتبين أن الفرق التي تلعب خارج ملعبها تحصل على نصف بطاقة صفراء أقل عندما تلعب خلف أبواب مغلقة، ونجد أيضًا بعض الأدلة على أن الفرق التي تلعب خارج ملعبها تضيع ركلات جزاء أقل في الملاعب الخالية.
ومن الناحية المالية والرياضية على حد سواء، من الصعب إيجاد أي حجة واضحة تعزز أي شيء بخلاف إكمال موسم كرة القدم الحالي بمجرد هزيمة الفيروس، مهما كان هذا الأمر يعني من تضحيات فيما يتعلق بالجدول الزمني في المستقبل. ويجب تأجيل بداية الموسم التالي إذا لزم الأمر، وربما يكون ذلك من خلال تقليل عدد المباريات أو إلغاء منافسات الكأس المحلية لهذا العام.