بروكسل (لندن توداي) : قالت مجموعة الأزمات الدولية إن عدد المواطنين الأتراك المنتسبين إلى تنظيم داعش الإرهابي الذين عادوا لبلادهم من سوريا والعراق يقدر بالآلاف من عناصر شاركت في تنفيذ عمليات التنظيم داخل تركيا التي تسببت في مقتل أكثر من 300 شخص.
وذكر التقرير، الذي أصدرته المجموعة حول تنظيم داعش، أن جزءا من التنظيم الإرهابي داعش، كان تحت الرقابة الصارمة، عندما كانت السلطات في الدولة تكثف جهودها لمحاربة الإرهاب. حيث تم إتخاذ إجراءات قانونية ضد بعضهم، وتم القبض على البعض الآخر، لكن اصبح هنام احتمال كبير لعدم تتبع العائدين أمنيا بشكل مبكر الآن.
ووفقا للتقرير فإنه نتيجة للتدابير الأمنية المتخذة في تركيا، لم تشهد البلاد أي حادثا إرهابيا لداعش منذ يناير (كانون الثاني) 2017. ولكن في مقابل ذلك، فإن المعلومات عن عناصر داعش العائدة إلى تركيا لا تزال محدودة.
بعض الأشخاص الذين ذهبوا إلى سوريا والعراق من أجل الحرب، عادوا مجددا إلى أوساطهم الاجتماعية دون الانضمام إلى التنظيم، ولكن جزءا منهم تم الإبلاغ عن أنهم اختفوا في المدن التركية الكبرى.
وبحسب التقرير، فإن إدراك السلطات التركية لخطر داعش تطور أيضا بمرور الوقت. فالتهديد الذي يشكله أعضاء داعش، الذين عادوا إلى تركيا، لم يؤخذ على محمل الجد بما فيه الكفاية. وبين عامي 2014 و2015 ، كان النظام غير مبال إلى حد كبير بأنشطة الانضمام للتنظيم الجديدة.
واوضح التقرير إن وعي أنقرة تجاه داعش تغير عقب الهجوم على مركز للشرطة في غازي عنتاب في 26 مايو (أيار) 2016. ووفقا لمجموعة الأزمات الدولية، فإن السبب الرئيسي لذلك هو أنها المرة الأولى التي يتم فيها استهداف المؤسسات الحكومية.
نفذ تنظيم الدولة الإسلامية ما مجموعه 16 هجوما بين 2014 و2017. لكن هجوم غازي عنتاب كان نقطة تحول في هذا الصدد.
كما يعد الهجوم، الذي وقع في ملهى ليلي في اسطنبول في ليلة رأس السنة 2017 بعد هجوم غازي عنتاب وأسفر عن مقتل 39 شخصا، حدثا مهما. وبحسب التقرير ، فقد نجحت الوحدات الأمنية في تضييق منطقة عمل داعش ومنعت محاولات الهجوم بعد ذلك التاريخ، وذلك من خلال الاعتقالات والأمن المشدد على الحدود. ومع ذلك، لم يختف التهديد تماما، بحسب ما أعلن المسؤولون الأتراك.
وحذرت مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها، من أن بعض السياسات التي تم تنفيذها، ربما أدت إلى المزيد من المشاركة السرية في صفوف تنظيم داعش. حتى أن عددا قليلا من الأشخاص الذين تم تجاهلهم، قد يكونوا خطرا حقيقيا، إذا نجحوا في استقطاب أعضاء جدد أو قدموا تمويلا أو خططوا لهجمات جديدة.
وتؤكد بيانات أن ما يقرب من 5 إلى 9 آلاف شخص غادروا تركيا، وتوجهوا إلى مناطق نفوذ تنظيم داعش. فتركيا واحدة من أكثر الدول التي ينضم منها مواطنون لتنظيم داعش. علاوة على ذلك فإن العائدين الذين تتم محاكمتهم، يتم الحكم عليهم بالسجن من 3 إلى 4 سنوات، وبعدها يتم إطلاق سراحهم. وتندد مجموعة الأزمات الدولية بقصر مدة العقوبة.
وأشار التقررير إلى أن مدعي العموم والقضاة يفترضون أن النساء اللاتي يذهبن إلى سوريا أو العراق، للعيش في ظل داعش يكون ذلك بسبب طاعة أزواجهن أكثر من الذهاب بإرادتهن.
ويطالب محامو الضحايا في قضايا اعتداءات داعش، بضرورة بذل المزيد من الجهود لكشف المهاجمين والمحرضين.
وتضمن التقرير معلومات عن محاكمة عناصر داعش العائدين إلى تركيا، مشيرا إلى أن الذين ينضمون إلى داعش ويعودون إلى تركيا، إذا تمت محاكمتهم، عادة ما يكونون في السجن لمدة ثلاث أو أربع سنوات لانتمائهم إلى منظمة إرهابية. وهذا يعني أنه سيتم إطلاق سراح مئات الأشخاص بعد قضاء مدة قصيرة. ولفت إلى أن بعض هؤلاء الأشخاص أقاموا روابط جديدة في السجن، وربما اكتسبوا سمعة في أوساط المقاتلين.
وجاء في التقرير أن مؤسسات الدولة بدأت في عمل دراسات، من أجل محو الفكر المتطرف والعنيف من عقلية المنتمين لداعش والعائدون إلى تركيا.
لكن من ناحية أخرى، يتم انتقاد أن أهداف السياسات التي تم تعريفها بأنها “إعادة تأهيل” أو “إزالة التطرف” غامضة بشكل عام، ولا يتم ضمان التنسيق في الجهود المشتركة بين الوزارات.
وقدمت مجموعة الأزمات الدولية بعض الاقتراحات للقضاء على تهديد داعش. أحدها تطوير مناهج للتمييز بين داعش وحزب العمال الكردستاني والجماعات اليسارية المتطرفة. وبحسب التقرير، فإن وضعهم في نطاق واحد يسبب ارتباكا في السياسات.
واقترحت مجموعة الأزمات الدولية أيضا تحسين تدفق المعلومات بين مسؤولي السجن والوحدات الأخرى، لجعل قرارات الإفراج الخاصة بهم أسلم.
وأوصت بتوجيه الشباب الذين يعتقد أنهم قادرون على التحول إلى الجماعات المتشددة، إلى الأنشطة الاجتماعية أو تقديم الدعم لهم للعثور على وظيفة.
ومجموعة الأزمات الدولية هي منظمة تقوم بتحليل النزاعات والحروب حول العالم من خلال إجراء البحوث الميدانية، وفحص المصادر المفتوحة والمقابلات. وتقوم المجموعة بالإبلاغ عن النزاعات بانتظام وتقدم الحلول.